
كتبت نورا خلف
نشأ أحمد عدوية في محافظة المنيا جنوب مصر، كان والده مشغولًا بتجارة المواشي، حيث تحمل عبء إعالة زوجة و14 طفلًا، كان أحمد هو الابن الثالث عشر في الأسرة، وكان والده يصطحبه إلى جلسات المقاهي ليسمع شعراء الربابة والسير الأسطورية مثل قصص أبو زيد الهلالي، لم يكن طريق النجاح سهلاً لأحمد عدوية، لكنه بذكائه وموهبته الفذة تمكن من إثبات نفسه بسرعة.
هكذا كانت بداية مشوار سلطان الأغنية الشعبية الكبير أحمد عدوية، الذي رحل عن عالمنا في ساعات متأخرة من مساء أمس الأحد عن عمر يناهز 79 عامًا، رغم الانتقادات اللاذعة التي تلقاها، استمر عدوية في تقديم الأغاني التي لاقت نجاحًا كبيرًا، أصبح أحمد عدوية من أبرز نجوم الأغنية الشعبية في مصر، وحققت مبيعات ألبوماته أرقامًا قياسية.
هاجم بعض المثقفين ظاهرة أحمد عدوية واعتبروا أغانيه تساهم في تدني الذوق العام، واعتبروا أن أغانيه تناسب ظاهرة الانفتاح، لكن يكفيه أن الأديب العالمي والعربي الوحيد الحائز على جائزة نوبل في الآداب نجيب محفوظ، لم يهاجمه ووصفه بـ “واهب السعادة” ووصفه كذلك بأنه “صوت شعبي” يجسد حال الناس.
خلال برنامجه الإذاعي “شاهد على العصر”، استضاف الإذاعي عمر بطيشة، أديب نوبل العالمي، نجيب محفوظ، ومن بين ما دار الحديث حوله، أزمة الفن والمسرح والسينما والغناء، وإذا ما كانت هذه الأزمات تعد ظاهرة، قال “محفوظ”: “نعم، هي ظاهرة ولها أسبابها، ومما لا شك فيه أن الثقافة تعاني من أزمة، جزء من هذه الأزمة لها أسباب عالمية، وهناك أيضا أسباب محلية”.
ويوضح “محفوظ”: “ومن الأسباب العالمية، أن الثقافة في العالم تتغير، فبعدما كانت قاصرة على الكلمة المكتوبة وهي الأساس، ظهرت وسائل جديدة مثل الإذاعة والتليفزيون، فتحول الكثيرين من قراء الكلمة إلي مشاهدين، وهو في حد ذاته أزمة”.
وفي لقائه مع مفيد فوزي، يسأله الأخير مندهشا من تشجيعه للفنان أحمد عدوية، عن مقال قصير نشره بعنوان “واهبو السعادة”، ذكر فيه نجيب محفوظ، أن أحمد عدوية أحد واهبي السعادة، وهو ما يوضحه لافتا إللا: واهب السعادة إن كان لا يفيد فهو لا يضر، ويسر مجموعة من البشر، وهو أمر ليس بقليل في هذه الحياة، في وقت من الأوقات كان أحمد عدوية هو “المسموع” الأول فهل ينافقه الشعب؟ لا، أحمد عدوية رجل من الشعب يستعمل أساليب وألفاظ شعبية، وصوت خشن شعبي لا يخلو من حلاوة.
ويتابع “محفوظ”: سمعت أغنيات عدوية، زحمة يا دنيا زحمة، وسيب وأنا أسيب والتي تقصد إذا ما أردنا أن نتفق سويا خفف شوية وأنا أخفف شوية وتصح تقولها للفلسطينيين والإسرائيليين